الرئيسية
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ما من إنسان إلا وقد أصابه بلاء ما في نفسه أو أهله أو ماله ،فالبلاء حقيقة يعيشها كل إنسان .فمنهم من زاده إيمانا بربه وتشبثا بالحياة،ومنهم من أورثه شكا مريبا وزلزله زلزالا شديدا.لذا كان عن المسلم المؤمن أن ينظر إلى البلاء على ضوء نور من ربه وهدي من نبيه عليه السلام .أخبر سبحانه وتعالى أنه جعل الدنيا دار فانية مزينة بزينة زائلة ،وجعلها دار اختبار لا دار قرار،قال جل وعلا: "إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا" [الكهف 7
وحكمة الموت والحياة وسرهما هو الابتلاء والامتحان الذي يعقبه الجزاء والعقاب والرضا والسخط والفوز والحسنات قال جل حكمته "و هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا" [هود].وقال جلت قدرته:"تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور"[الملك]
أي أن الله عز وجل خلق السموات والأرض وما فيهما من منافع ومصالح،وخلق الموت والحياة ليختبركم أيكم أطوع لله وأكثر شكرا.ولم يخلق ذلك عبثا.فلم تخلق هذه الأشياء إلا للامتحان .فمن كان أحسن عقلا،وأورع عن محارم الله،وأسرع في طاعة الله أثابه الله ومن كفر وعصى عاقبه
إن الابتلاء والامتحان هو سنة الله في هذه الحياة الدنيا ،ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويل .فما خلق الإنسان إلا ليبتلى ويمتحن ثم يكرم أو يهان .قال عز ذكره "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلنه سميعا بصيرا" [الإنسان]
وما رزق امرؤ رزقا ولا حرم منه إلا ابتلاء وامتحان .قال عز من قائل:"وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم." [الأنعام]. أي ليختبركم في الذي أنعم به عليكم وامتحنكم به ليختبر الغني في عناه ويسأله عن شكره ،ويختبر الفقير في فقره ويسأله عن صبره .بل ما أنزل الله الرسل ولا أنزل الكتب ولا شرع الشرائع إلا ابتلاء وامتحانا
قال جل جلاله:"لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات"[المائدة]. فالله تعالى شرع الشرائع لهم ويثبهم أو يعاقبهم على طاعته ومعصيته "إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين" [الأنبياء]
وقال سبحانه وتعالى :"ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" [العنكبوت].فضن الناس أنهم لا يمتحنون ظن خاطئ ،بل هم مختبرون بشدائد التكليف ومشاق الطاعات وهجر الشهوات والقحط وأنواع المصائب في الأنفس والأموال
قال تبارك وتعالى:"ولنبلونكم بشيء من الخوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات و بشر الصابرين "[البقرة] .فهذه الدار دار الابتلاء والامتحان
ولو كانت هذه الدار صفوا من البلاوى،وخلوامن المصائب والاختبار لأحد من الخلق،لكان أحق الناس بذلك سيد الخلق أجمعين وحبيب رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم. ولكن الذي يدرس سيرته العطرة،ويلم بأخباره الشريفة يعلم قدر ما عاناه من بلاء في نفسه وأهله وولده وصحبه .وكذلك حال الأنبياء الكرام عليهم السلام .وأينا ابتلي بما ابتلي به أيوب عليه السلام حتى نادى ربه :"أني مسني الشيطان بنصب وعذاب "[ص] .بل أينا ابتلي بما ابتلي به الخليل إبراهيم –عليه السلام- وقد أمر بذبح ابنه وفلذة كبده .فقال فيه سبحانه "إن هذا لهو البلاء المبين" [الصافات]
